ضمن سلسلة اللقاءات المقدمة من معهد أكاديميون عبر منصة أكاديميون الثقافية، المنصة الغير ربحية التي تهتم بنشر المعرفة والعلوم من خلال سفراء ومستشاري المعهد، وعبر مجموعة متنوعة من المواد المقروءة والمسموعة والمرئية، قدمت المنصة أمسية ضمن سلسلة أمسيات تفاعلية تضم نخبة متميزة من المثقفين ورواد العلم في شتى المجالات، والأمسية تلقي بظلالها على الكثير من النقاط المهمة التي تخص فضاء الإعلام الواسع حيث بدأت الأمسية في تمام الساعة العاشرة مساءً من يوم الثلاثاء الموافق 19/11/1442هـ عبر تطبيق زوم.
بدأ الدكتور مشعل المحلاوي بتقديم ضيف الأمسية الأستاذ الدكتور عبدالله محمد الرفاعي المستشار والمدرب الإعلامي وأستاذ كرسي اليونسكو للحوار بجامعة الإمام محمد بن سعود والعميد المؤسس لكلية الإعلام والاتصال ورئيس التحرير السابق لجريدة "المسلمون" الدولية، وكان السؤال حول ما هو الفضاء الإعلامي، وكيف يمكن تنقيته؟ وما هو الشوائب التي يمكن أن يتعرض لها فضائنا الإعلامي؟
بدايةً تحدث الدكتور الرفاعي عن الإعلام بشكل عام حيث أكد أن الإعلام فرض نفسه في جميع المجالات، في التربية وفي الاقتصاد وفي السياسة وفي المجتمع بشكل كامل، فالإشكالية أكبر مما يطرح حاليًا فهي ليست في المضمون الغير مناسب بل المسألة أكبر وأعمق، فما يحدث الآن في الفضاء الإعلامي العالمي هو تهديد للأسس التي قامت عليها المجتمعات والقيم المجتمعية والترابط المجتمعي، وآلية العمل والتعامل مع الحياة مهددة بقوة أكثر من القوة التي توجه للعقائد والأديان وللثقافات الخاصة، وبعض آثار ذلك الخطر ما حدث في المنطقة العربية فيما سمي بـ "الربيع العربي"، فمنذ عام 2011م إلى اليوم ظهر الكثير من التهاون في تطبيق قيم المجتمع وضوابطها وكثرت المشاكل الأسرية المتعددة مع الأبناء، وأصبح حتى كبار السن لا يملك منطلق للقيم ولا يعرف من أين ينطلق، وأصبح الجميع يجتهد للحصول على المال والثروة بالطريقة السهلة فهناك نماذج كثيرة وأصبح الغالبية لا يعمل جهدًا في التعلم والعمل والمكابدة ليحصل على المال أو الثروة.
كما أشار الدكتور الرفاعي أنه لابد من وجود جهد دولي لمواجهة هذه الموجة الطاغية، فهي بمثابة "التسونامي" في العالم اليوم، فلا ينبغي الإحساس بالمشكلة فقط ذلك الإحساس الجزئي الذي ينحصر بجهة معينة بل على العكس فهو خطر عام وشامل ينبغي على الجميع أن يتحد وبتكاتف ليقف أمامه، والمشكلة لا تقف عند حد المراهقين وصغار السن ولكنها تتعدى ذلك بمراحل عديدة حتى وصلت إلى كبار السن وغيرهم ممن فرط بالقيم الدينية والأخلاقية، فالمواجهة ينبغي أن تكون على معايير يخطط لها، وكذلك لابد من تحديث الوسائل وتحديث عقليات التفكير لتتلاءم مع هذا الخطر.
وأضاف الدكتور الرفاعي: كيف يتم تنقية الفضاء الإعلامي؟ فهناك جهود كبيرة لعملية التنقية من خلال مبادرات أثرت إلى حد ما على محركات البحث والمنصات التي تقود هذا العالم الجديد سواء في تويتر أو الفيس بوك أو الميكروسوفت، وهناك دول تحاول أن تستقل عن هذا المد الخطير كما فعلت "الصين" حين أحدثت شبكات خاصة لها بعيدًا عن مثيلاتها، وتطبيقات تابعة لها لجذب المهتمين لهذه المنصات، ويمكن لنا أن نسير على نفس النهج إذا توافرت الإرادة القوية والقدرة الكافية أن نوجد لنا مكان في فضاء تلك الشبكات ونضع تطبيقات على المستوى العالمي يخدم قيمنا الدينية والأخلاقية بكل تفرعاتها.
وأكد الدكتور الرفاعي في حديثه: إن المسؤولية عامة وكبيرة وعلى الجميع في كل جبهة التنبيه لخطورة الموقف، فالإعلام وحده لا يستطيع سد هذه الثغرات لذلك الجميع مطالب كلًا من منصته أو من خلال منظومته أن يعمل على سد الذرائع التي قد تعتري مجتمعاتنا في دينها وفي قيمها وعاداتها وأخلاقياتها، وعند المواجهة يجب ألا يكون من خلال الرفض الكامل بل أن يكون من خلال القبول الجيد لهذه الوسائل واستخدامها والابداع فيها واختيار المحتوى الملائم حتى يتسنى للشخص تحديد الجيد من الرديء وتحديد النوعية التي يجب الاطلاع عليها وأخذها أو تركها، واليوم نحن في هذا العالم الجديد يجب ألا نعوَل فقط على المهنيين والإعلاميين في مواجهة تلك الأخطار ولكن الجميع يعتبر من خلال منصته إعلاميًا بحد ذاته ويستطيع أن يكون صاحب رسالة أو مؤثرًا في المجتمع من خلال المهارات المختلفة.
وفي نهاية الأمسية قام أعضاء المنصة الحاضرين بإضافة مداخلات وأسئلة بدورها أثرت الأمسية بالنفع والفائدة وقدموا معلومات وفوائد جمة لموضوع النقاش ومنهم: الأستاذ عبدالغني ناجي القش، ، والدكتور مصطفى حلبي، والدكتورة إيمان الرويثي، والمهندس ماجد البيجاوي، والأستاذ سليمان الزكري، وختم الدكتور مشعل المحلاوي بالشكر والتقدير للدكتور الرفاعي وامتنانها الشديد لما قدمه سائل الله له التوفيق والسداد.